بقلم كمال عامر نائب رئيس تحرير روزاليوسف إسرائيل هي الخطر الأكبر علي مستقبل وحياة العرب، وأيضا علي أمريكا.. قد يسأل أحد: وكيف أمريكا؟ ما هو واضح لنا أن هناك علاقة وطيدة تربط أمريكا بإسرائيل، ولا يمكن أن نغفلها حتي لو أن بعض الأصوات في أمريكا من اليسار خرجت علينا ببعض العبارات الرافضة للسلوك الإسرائيلي والمؤيدة للموقف العربي، لكن اتضح أن تلك الأصوات ما هي إلا حبوب مسكنة ينتهي مفعولها، لما بعد النشر بساعات..الغريب أننا كبلدان عربية نظراً لأننا بسطاء فمثل هذه التصريحات لها واقع طيب لدي الباحثين والمهتمين بهذا الشأن.
إذا علينا أن تكون لدينا شجاعة ونقتنع بأن إسرائيل هي لعبة أمريكية تتمتع بمساندة عالمية قوية.
لقد اتضح لي أن التأييد الغربي للعرب محصور في الغرف المغلقة والمؤتمرات الصحفية للضيوف الأجانب شرط أن يكون بجوارهم مسئول عربي، وكأن قادة وزعماء العالم الغربي فهموا إشكالية العقلية العربية وتعاملوا معها بأسلوب يشبع رغباتها، توني بلير عندما يحضر لمصر أو يزور الضفة الغربية نجد في تصريحاته مساندة للحقوق العربية المشروعة، وقتها نشعر بالسعادة لأن صوت العرب وصل إلي الآذان.. ولكن عندما يذهب إلي إسِرائيل نجد اللهجة واللغة تتبدل وأيضاً الرأي، وعندما يعود إلي أوروبا يتحدث بلغة هي أقرب لوجهة النظر الإسرائيلية.. هذا النموذج متكرر مع فرنسا وألمانيا وأيطاليا وغيرها من الدول، وهذا يوضح أو يؤكد أن تلك الدول تتعامل بازدواجية بشأن الخطاب الرسمي لها، فهي يعد دراسة لواقع العرب خلصت إلي ضرورة تصدير خطاب أو وجهة نظر إلي العرب بغرض عدم اغضابهم وفي نفس الوقت يتعاملون مع إسرائيل بالتزام أكثر، والمحصلة أن العالم الغربي وغيره من الدول النشطة مقتنعة بما تفعله إسرائيل وتقدم لها كل المساندة في وقت الأزمات ــ ما يحدث في مجلس الأمن والهيئات الأخري مثال واضح ــ وحتي الآن تلك الدول الغربية تنظر إلي الإرهاب الإسرائيلي وقتل المدنيين والقبض علي الأطفال وبناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة علي أنها حقوق إسرائيلية مشروعة بينما لو قال طفل فلسطيني مجرد "لا" أو قذف إسرائيلياً بطوبة جريمته الإسرائيلية والعالمية إنه إرهابي.. العالم يتفرج علي قرارات إسرائيل بشأن تهويد القدس وضم الآثار الإسلامية إليها رسمياً ولم أسمع عن رد فعل غاضب من ألمانيا، إنجلترا، إيطاليا، فرنسا ولا حتي أمريكا.
الجديد في الأمر أن التحرك الأمريكي الأخير بشأن إصرار إسرائيل علي عدم الخضوع للتوجهات الأمريكية بشأن التهدئة لضمان نجاح المفاوضات غير المباشرة بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي والتعنت الإسرائيلي ضد أي قرارات أمريكية تهدف لخلق مناخ يلائم نجاح المفاوضات.. التحرك الأمريكي الأخير ضد إسرائيل أو حالة الغضب منها ترجع إلي توصل أمريكا ودوائرها المختلفة بأن سياسة إسرائيل التي تنتهجها ضد الفلسطينيين وما يحدث في فلسطين من حالة خنق الشعب الفلسطيني وحالة الحصار والتجويع سوف تلحق الضرر بأمريكا ومصالحها في المنطقة.. تعالوا نتحدث بصراحة.. هل يمكن لأي عربي أن يثق أو يساند أي معالجة أمريكية للملفات الشائكة بما فيها أزمة إيران النووية!! لاحظ أن حالة الاحتقان العربية من إسرائيل أراها تصب تجاه الاختلاف مع أمريكا بشدة علي الأقل بمعارضة أي أجندة قد تطرحها علي القادة العرب طلبا للمساعدة أو المساندة.
أمريكا الآن استشعرت بأن مصير جنودها في العراق وباكستان وأفغانستان في يد العرب وليس في يدها ولا حلفائها، من غير المعقول أن تطلب أمريكا المساندة للوقوف معها في تلك الجبهات المفتوحة في الوقت الذي تقوم إسرائيل الحليف القوي لها بتطبيق سياسة العربدة والقتل والهدم وإلقاء القبض علي الفلسطينيين.
إذا تعالوا نتحدث بصراحة أكبر، مصالح أمريكا في خطر، تلك الجملة كانت الدوائر العربية ترددها منذ خمسين عاماً، وقد سمعتها مراراً وتكراراً دون أن ينتبه إليها أو يصدقها أحد، لكن هذه المرة الأمر مختلف.. لأمريكا جنود علي أراض إسلامية وعربية ولو استمرت في تأييد السياسة الإسرائيلية الظالمة علي طول الخط سوف تدفع ثمنها لذلك، هذه المرة الثمن تدفعه أمريكا نفسها من جنودها وسياستها وبالتالي سوف تدفع الثمن من حساباتها الخاصة وليس من الدول المؤيدة لها كالعادة تعالوا نسأل الرئيس أوباما وحكومته تعتقدون لو أن حرباً نشبت مع إيران أن أحداً من المسلمين والعرب سوف يقف معكم؟ هل تعتقدون أن استمرار حالة الوفاق مع دول الخليج وغيرها من الممكن أن تظل هكذا فيما لو دخلتم تلك المواجهة وإسرائيل في ظل التأييد التام لها من جانب أمريكا ودول الغرب تمارس أساليب القتل والتجويع ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، الظروف تغيرت، وما كان العرب والشارع العربي يتقبلونه من أمريكا في ظل ممارسات إسرائيل أعتقد أنه لن يجد ترحيباً الآن.
إسرائيل أكثر الدول خطرًا علي أمريكا.. فهي الآن ترمومتر القبول والغضب لسياسة أمريكا عند الشارع العربي. ولا أعتقد أن القيادة الأمريكية غير مهتمة بألوف من الجنود خارج الأرض الأمريكية عندما يتحولون إلي رهائن في "يد" القوي الرافضة أو المتعاطفة مع محنة الشعب الفلسطيني.. أعتقد أن التحرك الأمريكي الحالي ضد الممارسات الإسرائيلية له ما يبرره، فهو ليس تضامنا مع الشعوب العربية بقدر ما هو من أجل مصلحة أمريكا وجنودها وسياستها الخاصة. ليس من المعقول أن تترك أمريكا إسرائيل تعربد وتقتل وتسرق الأرض وتصنع واقعا يصعب تغييره ولا تكتفي بدور المتفرج بل يمتد إلي حمايتها في مجلس الأمن وغيره ثم تطالب العرب والشارع العربي بمساندة سياستها في العالم.
أمريكا تركب سيارة وتستعين بسائق مخمور هذا السائق هو إسرائيل. وعليها إما أن تُبدل السائق أو تدفعه للفوقان وإلا سوف يصطدم بها فيلقي مصرعه وهي أيضًا قد تصاب بأذي بالغ.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اترك تعليق هنا