السبت، 24 أبريل 2010

تجربة شخصية .. فضائيات حرق العلاقات العربية


بقلم كمال عامر

شفت مباريات مصر والجزائر في تصفيات مونديال 2010 عن أفريقيا ومن خلال الأحداث المصاحبة أن هناك مجموعة من الغاضبين تقف وراء زيادة الهوة والفرقة يؤيدها إعلام هدفه المعلن نشر رسالة عربية تساعد في التقريب.. ومن خلال ممارساته يعمل علي تمزيق أو حرق العلاقات وتدميرها.

كانت لي تجربة شخصية بشأن المرارة الناتجة من أحداث كرة القدم بين منتخبي مصر والجزائر بعد المباراة الأولي هناك سافرت إلي الجزائر للبحث عن إجابات لأسئلة في ذهني مثل ماسبب الاحتقان؟ وما هذا الاهتمام غير الطبيعي برصد السلبيات.. والأهم أن هناك مجموعة جديدة كشفت الأحداث عن وجودها «الغاضبون» أو الرافضون لكل ما هو عربي، وحملت علي عاتقي معرفة ما أوصلها إلي هذا.

التقيت خلال سفري مع وزير الإعلام الجزائري عزالدين ميهوبي، ووزير الشباب والرياضة الهاشمي جبار، وشرح لي سفير مصر بالجزائر عبد العزيز سيف النصر حقيقة المشاعر الطيبة التي يحملها المصريون لشعب الجزائر واحترام القيادة الجزائرية لكل ما هو مصري.. وأنه يمنح تأشيرات لـ 4 آلاف جزائري لزيارة مصر شهريا، وقبل سفري إلي الجزائر كنت قد التقيت الدكتور صفي الدين خربوش رئيس المجلس القومي للشباب مذكراً أن التبادل الشبابي بين البلدين منقوص، واتفقت مع الرجل علي طرح تسيير قافلة مصرية إلي هناك تضم 300 شاب وفتاة لمدة عشرين يوماً لفهم الواقع الجزائري وكيف يفكر شبابه.. في المقابل أيضا من الممكن استقبال 300 شاب وفتاة جزائريين بمصر لنفس المدة للوقوف علي الشأن المصري من خلال الشارع والصحافة والنخبة وغيرها.. في الشأن الرياضي حملت إلي الجزائر رغبة واتفاقا مع م.حسن صقر رئيس المجلس القومي للرياضة بفتح الباب لعمل بروتوكول حقيقي يمكن تنفيذه علي الأرض يشمل تبادل الخبرات بشأن اللجنة الأوليمبية، ومعاهد التربية الرياضية، وتأهل القيادات والمباريات وحكاما مصريين يديرون مباريات الدوري الجزائري واستقبال الفرق الجزائرية في معسكرات. وحكاما من الجزائر لإدارة مباريات في الدوريات المصرية.. ودار نقاش بالجزائر حول ضرورة بذل المزيد من الجهد كل في مكانه لتقليل مخاطر الاختلاف وحصره ثم فتح أبواب أو طرق أمام التعاون والتعارف والتقارب وفهم كل منا للآخر.

عدت للقاهرة وحدث ماحدث قبل لقاء القاهرة. كتبت وأدنت خروج بعض الشباب المصري علي آداب الاحترام بقذف زجاج أتوبيس الجزائريين بالحجارة.. وهاجمت من حاول الادعاء بأن فريق الجزائر هو الذي أصاب الاتوبيس، وهو ادعاء ساذج.. كنت أحد الذين أعلنوا صراحة كتابة وقولاً وتصرفات بأن الفرق الجزائرية مرحب بها.. ولا لمقاطعتها.. وقد خضت نقاشاً وحواراً مع مسئولين وأزعم إنني أول من دافع عن هذا الخيار ونجحت.. كان دوري يصب لصالح التهدئة.. وبمنح صوت العقل مساحة لحل الخلاف.. ودعوت الغاضبين بالطرفين لحصر غضبهم في حدود الملعب. لم تهدأ دعوتي بشأن ضرورة تحصين العلاقات المصرية - الجزائرية ضد أي ظروف طارئة.. قد تحدث مستقبلاً كتبت. ونشرت. وقلت في حوارات وبرامج فضائية وتليفزيونية، وهذا النهج جاء لرؤيتي بأن من مصلحة الشعبين حصر آثار ماحدث داخل الملعب ومعالجة المشكلة وفقا للمفاهيم الرياضية لا السياسية وسط قناعة مني بأن تاريخ الدول العربية وماتبقي منها من روابط هي صناعة للأجداد والآباء وليس الشباب.

وفقا لتلك المعايير. تلقيت دعوة للسفر إلي قطر لمناقشة الموضوع ضمن برنامح «بكل روح رياضية» للجزائري حفيظ دراجي وقد حملت أوراقي ظنا مني أن البرنامج سيدور حول المربع الثالث من القضية فالأول يضم ملف الحدث. والثاني بدأ بعد وصول الملفات للفيفا والثالث هو تقديم حلول يراعي فيها مصلحة وكرامة الشعبين وأيضا وضع أسس لعدم ظهور تلك المشكلة مرة أخري لا بين مصر والجزائر بل بين كل البلدان العربية، وأيضا كيف نغلق هذا الملف. في قطر قبل بدء التسجيل سألت: من الضيف قالوا لي جزائري يحمل دكتوراه العلوم السياسية وهو يحيي أبو زكريا.. تخيلت أن الرجل قد يشرح ويساعدني في الطرح الذي أحمله أو تمرير حزمة الحلول.. خاصة فيما لو ألقي الضوء علي الأحداث من الوجهة السياسية والضرر الذي حدث للبلدين.

توقفت عند عدد من الملاحظات وهي أن الرجل يحمل بالفعل الجنسية الجزائرية لكنه يعيش في بيروت منذ سنوات طويلة، أيضا تأكدت أن الرجل زبون دائم علي قناة الجزيرة في مهمة محددة: سب مصر والمصريين والنظام السياسي وأيضا دفع الضيف إلي فقدان أعصابه وهي مهمة أراها غير منصفة فيما لو أن الأمر تتوقف عليه آثار قد تكون مدمرة!!

قبل الحلقة قلت له: يادكتور.. أتمني أن تقدم طرحاً إيجابيا.. أتمني أيضا ألا يصنفنا المشاهد علي أننا من المساهمين في حرق العلاقات المصرية/ الجزائرية.. قال لي الرجل: فقط إمنحني فرصة للتحدث ولا تقاطعني قلت: أنا أيضا أتمني أن تلتزم بأدب الحوار لا تعميم، ولا تعريض لأنظمة حكم، وأيضا أن تقدم حلقة قد يكون فيها إحراجً لدعاة التخريب بين البلدين.

وبدأ الحوار. كان من المهم ملاحظة أن مقدم الحلقة الجزائري حفيط دراجي لم يكن جاهزاً لها.

مكتفيا بإطلاق العنوان، ولم يحاول قط تصحيح مسار الحلقة حتي تكون أداة تهدئة خلال مدتها لكنه منح د. يحيي زكريا حماية ليطلق العديد من الاتهامات غير المبررة ضد كل ما هو مصري.. إعلام وفنانون وناس ونظام سياسي. حتي الرئيس مبارك.. حاولت أن أنبه علي الخلل الموجود في طريقة إدارة الحلقة واتجاهها.. وهي ستجذبنا إلي العودة للمربع الأول مربع الأزمة.. وبالتالي ستعكس صورة لنا لدي المتلقي بأننا لا نملك رؤية معمقة حول الحل.. لا سياسية أو رياضية.. اكتفي د. زكريا طوال الحلقة بعودة شريط أحداث المباراة، وحتي عندما قلت لا تعميم في اتهامك بل من العدل القول أن بعض الإعلاميين من مصر والجزائر يتحملون جزءا كبيرا من إشعال نار الفتنة.. إلا أن د.زكريا حاول تحميل كل الإعلاميين المصريين للقضية دون سواهم وقد أيقنت من خلال أحداث الحلقة وطريقة إدارتها أن الأخوين مقدم الحلقة والضيف ليس لديهما مايمكنهما تقديمه لتحقيق إزالة آثار المباريات أو البحث عن صيغة جديدة لعلاقات أمتن بين الشعبين وهما اكتفيا بالإثارة والتجريح وتوزيع التهم علي كل مصري وتبرئة كل ما هو جزائري، لقد اكتشفت من خلال الحلقة أن مقدم الحلقة وهو المعد الرئيسي لها قد استعان بأحد السودانيين وقرأ الرسائل الاليكترونية التي تصله تعليقا علي سير الحلقة، وكان من اللافت أن الرسائل الاليكترونية كلها ضد مصر والمصريين!

نظراً لإيماني الشديد أننا المصريين فوتنا فرصا متنوعة لنقدم أنفسنا كدعاة وئام ومصالحة ووحدة بين الشعوب العربية.. الأمر الذي زاد من قناعاتي بضرورة التواجد الإعلامي ومواجهة الأفكار بالأفكار. لذا كان حزني واضحا لأن ما جئت من أجله لم يتحقق في الحلقة لأن الإخويين الجزائريين مقدم الحلقة وضيفه انشغلا عن هدف الحلقة وتفرغا لإشعال الفتنة عن طريق رسائل حاولا فيها دفعي للهجوم علي شعب الجزائر وقيادته وكأنهما أرادا حرق العلاقات الممتدة بين مصر والجزائر.. والمحصلة أنني سعيد جداً لأنني لم أنجذب أو أتورط في سب أي جزائري أو قيادة جزائرية في الوقت الذي لم يلتزم الضيف الجزائري بمبادلتي باحترام بلدي وعلمي وأهلي ونظامي السياسي.. سعيد جداً برد فعل الإخوة من الجزائر من خلال الرسائل إلكترونية.

وقد تركت إحداها داخلي شعورا بضرورة العمل والاستمرار بدعوتي إلي ضرورة الانتباه للأخطار المحيطة لواقعنا العربي وضرورة بذل مزيد من الجهد علي جميع المستويات علي الأقل لنحافظ علي ما هو موجود من روابط عربية - عربية، لقد أثرت رسالة إلكترونية لأحد الإخوة من الجزائر الشقيق يعبر فيها عن رأيه في حوار الحلقة الأزمة. وقد قال فيها حرفيا: تحت عنوان من الجزائر إلي أستاذ محترم جداً: إلي الأستاذ كمال عامر: أولا أحب أعرفك بنفسي أنا عبداللطيف من ولاية تيسه بالشرق الجزائري عمري 36 عاما. موظف والله العظيم أنا من أكثر المتعصبين وأكره كل ما هو مصري من جراء ما أقرأه وأشاهده علي النت والمنتديات من أول مارأيتك في برنامج بكل صراحة علي الجزيرة الرياضية الأولي الجمعة 16 أبريل 2010 مع المعلق حفيظ دراجي. والدكتور المقيم في لبنان حيث إنني أعرفك منذ زمن بعيد. صدقني أول مرة أشوفك وأنا حاسس إنك أستاذ محترم جداً وطيب جداً.. وقد تأكدت من خلال الحلقة بل عرفت لماذا يقال عن المصريين إنهم شعب طيب والله العظيم بصدق أنت غيرت لي نظرتي التعصبية تجاه الشعب المصري الشقيق، وعلي قدر ماكنت أكرههم علي قدر ما أصبحت أحبهم. أقولها اليوم لك ياأخي وياسيدي المحترم كمال عامر إن أداءك في الحلقة كان راقيا ومحترما لم تتلفظ بأي كلمة ضد الجزائر أو قيادتها أو شعبها. في نفس الوقت دافعت عن بلدك برغم استفزازات الدكتور المقيم في لبنان.

وياأستاذ كمال عامر أتقدم باعتذاري عن أي كلمة جرحتك صدرت من فم الدكتور. فأرجو أن تقبل هذا الاعتذار.

في رسالة إلكترونية أخري من الجزائر تضمنت: أشكرك علي أنك تحملت استفزازات من يدعي أنه ينتمي إلينا وهو يقيم في بيروت ولم تنجذب إلي حفل اشعال النيران التي كان نجمها الأول من يدعي أنه جزائري استمر في جهودك من أجل التقريب.

أنا سعيد برد الفعل من شباب مصر الواعي، وقد استقبلت الألوف من الرسائل الاليكترونية تؤيد ما قمت به.. وسعادتي أنني لم أحصل علي تلك المكانة بالشتيمة وقلة الأدب في الحوار. بل بالتزامي وأيضا في طريقة الدفاع عما أومن به.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اترك تعليق هنا