الأربعاء، 30 يونيو 2010

المراهَقة الإعلامية.. وقضايا الوطن

بقلم كمال عامر
المتابع للمشهد الإعلامي يشعر بالحيرة والقلق. السباق في هذا الشأن غير مرتبط بآداب ولا أخلاق المهنة.. لا احترام لعقل المشاهد.. ومن أجل التميز أو زيادة نسبة المشاهدة أو من أجل زيادة التوزيع نجد إهمالاً متعمدًا لكل الأصول المكتوبة أو حتي العرفية منها.

أي مُعد في برنامج من السهل عليه أن يجمع ما بين أطراف قضية ما إذا كان بالفعل يسعي لإظهار طرفي القضية. وقد يستضيف طرفًا ويتصل تليفونيا بالطرف الآخر.. الأمر الواضح أن الرسالة الإعلامية هنا قد تكون خادعة ومنقوصة برغم الجمع بين طرفيها.. لأن المفروض أن يتعمق المعد أو المهتم في القضية ويتدارك أبعادها بكل الطرق ثم بعد ذلك يقدم للمذيع وزميله خلاصة القضية التي يجب طرحها علي الضيوف.

معظم الجهات الإعلامية تسعي للحرق وتحولت إلي أداة هدم.. بصرف النظر عن التعمد أو الجهل بالدور الحقيقي لتلك الجهة الإعلامية.

في قضية ملف المياه بين مصر ودول المنبع المتابع لما نشر خلال فترة ما قبل تدخل الرئيس يمكنه أن يرصد أن ما نشر أو بث في هذا الشأن في معظم المطبوعات القومية والمستقلة أو الحزبية وأيضًا القنوات الفضائية وتليفزيون مصر هو أشبه ببيانات حرب عسكرية كلها تهديد ووعيد من جانب القومية.. وخيبة أمل وسقوط في إدارة أزمة وتشفي في الحكومة وفرصة للهجوم والتهكم من جانب المستقلة والحزبية.

وقد لاحظت أن عددًا من الفضائيات أعاد لنا السقوط في التواصل مع أفريقيا.. وبعض الصحف المستقلة أو غيرها وجدتها فرصة لإعادة الاعتبار لبعض مصادرها علي حساب صاحب القرار الحالي ووجدنا الموظف السابق يتحدث عن سقوط وتقاعس الحالي.. وكالعادة انتهي بي المطاف حائرًا بين الهدف والغرض من المنشور حول ملف دول وادي النيل.

بعض الجهات الإعلامية بمصر أصبحت عنصر قلق وتوتر وهي تنتظر النكبات أو الكوارث أو السقوط لتحاول من خلال هذا الجو الحصول علي جماهيرية. الأمثلة كثيرة. مشكلة القضاة والمحامين.. ضخمها الإعلام ولعب دورًا واضحًا في تأجيج المشاعر وزيادة مساحة الاحتقان لدرجة أن كل طرف منهما تعنت في شروطه للمصالحة بعد أن زاد غضبه من المساحات المنشورة أو مما ظهر علي شاشات الفضائيات.

مشكلة الثانوية العامة.. وقلب تصريحات د. أحمد زكي بدر وزير التعليم وتلوينها ومحاولة إظهاره علي أنه «بعبع» فهو تارة ظالم وقاطع أرزاق وأخري عدو للطلبة وأخيرًا قاتل للمراقبين.. وعندما دققت في مطالب بعض الجهات المعارضة لأسلوب الوزير وجدت أن تلك المجموعة لها صفة سياسية ومطالبها غير تعليمية وتسعي للحصول علي مساحة سياسية علي الساحة المصرية. بعض أجهزة الإعلام سواء عن سوء نية أو غيرها لعب دوراً مخزياً بشأن تأجيج المشاعر ضد أحمد زكي بدر وهي لعبة إعلامية معروفة في ظل سياسة البحث عن مشاهد أو قارئ بأي طريقة وبأي ثمن!!

حياتنا السياسية ليست بعيدة عن هذا التوتر، البعض يتصور أننا نعيش في حجرة مظلمة وهناك كراسي طائرة هنا وهناك والذكاء هو الابتعاد لأن هذا الانفلات بلا شك سيكون له ضحايا.

تصوروا لو لم يتدخل الرئيس مبارك ببذل الجهد بشأن ترطيب الأجواء مع دول حوض النيل، لاحظ تبدل لغة الإعلام، أصبحنا نقرأ عن الخلاف والاختلاف والحقوق، لغة الإعلام بعد تدخل مبارك اختلفت احتراما للرئيس واعترافا بأنه الحصن الآمن للمصريين وقد لاحظت أن تغير لغة الإعلام أسفر عن فهم وإدراك صحيح للقضية عندما تأكدت أن أحمد زكي بدر يتحرك دون حواجز أو خوف وبنظافة من أجل الإصلاح الحقيقي لقطاع اتفقنا جميعا أنه من أسوأ قطاعات الدولة، عندما استمع الرجل لنا وحاول الإصلاح لم يسانده أحد في حملته للتصحيح إلا القليل. الإعلام هنا عن جهل ودون فهم أو بحسن نيه عاوز يحرق أحمد زكي بدر لصالح قارئ أو مشاهد أو لأفراد وجهات تري أن مصالحها مع إبقاء الفساد وانتشاره ليؤثر علي تشكيل الرأي، والناس عادة ما تسمع لغة الإعلام يجب أن تكون أنضج مما يحدث وأصدق وأعمق إذا لم نكن نستطيع علي الأقل أن نمتنع عن اللعب في القضايا الشائكة أو المرتبطة بمصير الوطن.

وعتابي إلي الذين هم ممن يتقدمون الصفوف في هذا الشأن الإعلامي أن عليهم التأني في معالجة قضايانا لا لأن هناك من يتابع ويحكم علينا بل من أجل المواطن المصري الذي يجب أن تساعده علي الأقل بوضع الحقائق المجردة أمامه أما ما يحدث الآن فهو يعبر عن أزمة علي الأقل توضح أن الإعلام أو من يقفون وراء ما يحدث هم في الحقيقة يعيشون مرحلة من المراهقة الإعلامية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اترك تعليق هنا