بقلم كمال عامر
في الأسبوع الأول من نوفمبر الماضي وصلتني معلومات مؤكدة من أصدقاء يعملون بدول خليجية أن هناك مؤامرة ضد جمهور الكرة المصري والشعب التونسي الشقيق.. وقد اندهشت عندما اطلعت علي تفاصيلها، حيث كانت تهدف إلي تعكر الصفو بين الشعب المصري وشقيقه التونسي وكرة القدم هنا هي السلاح. أنا شخصيا أصبت بالرعب.. لأن التفاصيل أو السيناريو من السهولة تطبيقه بدون أن يلتفت إليه أحد.
المؤامرة كما اطلعت عليها تعتمد علي إحداث شغب في مدرجات مباراة الأهلي والترجي التونسي.. والسيناريو يجري كالتالي: يندس مجموعة من المشاغبين وسط التراس الأهلي.. ويقومون بقذف فريق الترجي بالطوب أو الاعتداء عليه بأي شكل من الأشكال. أو افتعال أزمة ينتج عنها قيام جمهور الأهلي بالاشتباك مع جمهور تونس وتسقط ضحايا وتسيل دماء أو العكس. هذا السيناريو حاول واضعوه حرق العلاقات المصرية- التونسية وأيضا تصوير جمهور مصر أو مصر كلها علي أنها دولة شعبها مشاغب.. رافضا لكل ما هو عربي وهو شعب سوابق وموقعة الجزائر شاهدة.. وبدأ السيناريو بالفعل عن طريق نشر بعض الأخبار الكاذبة والتعليق عليها من شباب الإنترنت لزيادة الاحتقان بين الشباب المصري والتونسي..
وقد انزعجت جدا من هذا السيناريو المزعج.. وبدأت في نشر مجموعة من الأعمدة في «روزاليوسف» حول ما يدبر في الخفاء لعمل وقيعة بين المصريين والأشقاء في تونس.. كتبت موضحا وبكل التفاصيل عن هذا السيناريو بل ناشدت التراس الأهلي بأن يكون يقظا.. ورجال الإعلام المصري بضرورة المساعدة في تهيئة الجو والمناخ للعب والبعد عن كل قاموس الشد والجذب.. ناشدت أيضا وكشفت وطالبت لاعبي الأهلي بعدم الانسياق وراء أي توتر في الملاعب، وناشدت الأشقاء في تونس الانتباه والمساعدة في اجهاض المؤامرة..
بل توجهت لكل عناصر اللعبة في مصر، مطالبا باليقظة والعمل بكل الطرق لتفويت الفرصة علي مثيري الفتنة في تمزيق العلاقات العربية- العربية وعلي الأخص المصرية- العربية.. وعلي قناة الحياة ألقيت برسالتي إلي جمهور الأهلي قبل المباراة وناشدت كل شخص منهم بمن فيهم أولادي بأن يعملوا علي سلامة لاعبي الترجي وفوز الأهلي.. علي غلاف «روزاستاد» الملحق الرياضي لعدد الجمعة من جريدة «روزاليوسف» كان يحمل عنوانا «الأحد باستاد القاهرة: الأهلي يسعي لسلامة الترجي والفوز عليه».
الأشقاء من تونس كانوا موضع ترحيب في كل مكان بمصر.. تسابقت جهات عديدة لاستضافتهم وفتح حوار معهم.. وبدأت المباراة وحدث ما حدث.
المصريون غضبوا من مشهد اعتداء من المتعصبين علي رجل إطفاء مصري.. والمشهد أوضح أن هذه الفئة تحديدا هي وقود المؤامرة.. حتي في تعليق المصريين علي الحدث كان هناك نضج في التعامل مع الأزمة، جمهور الكرة المصرية والإعلام المصري نجح في تفويت الفرصة علي دكاكين الفتنة المنتشرين بيننا في عالمنا العربي.
الشعب التونسي الشقيق كان حذراً ويقظا، السفير التونسي بالقاهرة المنجي البدوي كان علي مستوي المسئولية لم يتوار أو يخشي المواجهة أو يترك الأمر كأنه لا يعرف بل كانت رسالته لمصر والمصريين شافية وكافية، اعتذار الأشقاء التوانسة وإدارة نادي الترجي والاتحاد التونسي لكرة القدم واللجنة الأولمبية هناك عما حدث أمر يصب في صالح الأشقاء التوانسة وهو موقف مساعد علي تهدئة خواطرنا.
الموقف التونسي الرسمي والشعبي أوضح مجموعة حقائق بالفعل.. هناك دول ومواقف تستحق الإشادة وأيضا التحية والتقدير، هناك إصرار واضح من جانب الأشقاء في تونس علي اصطياد الشوائب المشاغبة أو المخربين هؤلاء مع ما عندنا وفي الدول العربية الأخري هم الذين يملكون مفاتيح دكاكين الفتنة في الوطن العربي.. التحية والتقدير لكل المصريين جمهور الكرة المصرية والأهلي تحديداً، رجال الأمن من المصريين الذين تحملوا ضغوطاً متنوعة كانت جهودهم منصبة في المحافظة وسلامة أمن الأشقاء في المدرجات وأيضا الشارع.
أعتقد أن م.حسن صقر رئيس القومي للرياضة مطالب قبل غيره بالتحرك في اتجاه القضاء علي دكاكين الفتنة ومعه وزراء الرياضة وعليه أن يتحرك لوضع قائمة بأسماء هؤلاء المخربين في عالمنا العربي ومنعهم من دخول الملاعب العربية، عليه أيضا أن يسعي من خلال تحركات حقيقية لعمل حوار عن كيفية تصفية جيوب المخربين ليظل عالمنا العربي وملاعبه نظيفة.
لقد أديت رسالتي ونجحت في نزع فتيل أزمة يعلم الله وحده إلي أي مدي كانت ستحرق علاقتنا القوية والتاريخية بين الأشقاء في تونس، نجحت أيضا في عمل استنفار علي كل الأصعد في مباراة الأهلي والأشقاء التوانسة.
إذا كنا قد نجحنا في تلك الواقعة فإن لدي تأكيدًا بأن هناك موقعة أخري ومازال بيننا المخربون أو الصهاينة الجدد يديرون دكاكين الخراب.
التحية والتقدير لكل الأشقاء في تونس.. موقفهم الايجابي من محاربة الشغب أمراً يؤكد لنا كالعادة الاتفاق علي محاربة المتعصبين الجدد الموجودين في عالمنا العربي. قبل أن يتحولوا لظاهرة قد ندفع جميعا ثمنا لها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اترك تعليق هنا