الأربعاء، 28 يوليو 2010

أخبار مصر.. نهاية إهمال متعمد! «2-1»


بقلم - كمال عامر
اهتم تليفزيون مصر بتطوير قنوات الأفلام والرياضة. وهذا طريق سهل وُمربح مالياً.. وأهمل غيرها فسقط أمام المثقفين والسياسيين. تطوير قطاع الأخبار جاء متأخرًا لكنه مبشر وهو يعني التحرر من سماسرة الهواء.

الإعلام صناعة. بل يتحكم في الكثير من الأشياء. ويتقدم المجالات الأخري. في ظل التغير الواسع علي أنظمة الحياة والحكم نجد أن الآلة الإعلامية بدورها شهدت تطورًا أكبر أتاح لها دائما أن تحافظ علي مكانتها ضمن أولويات السيطرة بكل أشكالها.

والإعلام أنواع. جزء منه للمساعدة في تشكيل «حلم» و«حياة» و«وجدان» الناس.. بغرس قيم المساعدة في تشكيل أحلامنا وبالتالي مستقبلنا. وإعلام قتل الوقت كهدف حتي لو اختلط بنسبة ما من الرسالة الصحيحة له، وإعلام آخر أسود عادة ما يبحث عن أي وسيلة لتحقيق الربح لصاحبه مهما كان.

تليفزيون مصر نجح في النوع الثاني قدم لنا المسلسلات والأفلام والرياضة والضحك وغيرها. انشغل القائمون عليه تحت دعوة الريادة في منافسة القطاع الخاص خاصة في إطلاق القنوات. ولم يكن القطاع الخاص مستعدًا لانتزاع حقوقه لانصراف رءوس الأموال عن هذا النوع من التجارة أو لعدم الوعي بهذا النوع من الاستثمار الجديد!

نجح أنس الفقي وزير الإعلام بالفعل في أن تكون لنا الريادة فيما تم إطلاقه من حزمة قنوات أصبحنا علي الأقل لا نعرف حتي مجرد اسمائها لكثرتها.. هو نجاح في حد ذاته محدود في الوقت نفسه أهمل تطوير النوع الأول من الإعلام وهو الأصعب والأخطر وهو تحديدًا قطاع الأخبار.. والذي يساعد علي فهم الأمور وتوضيح الحقائق ونقل الأحداث من مكان إلي آخر في مصر وخارجها وأيضًا التصدي لما يثار حول سياسة مصر تجاه قضايا الداخل والخارج أو ما يحدث داخله هذا النمط من الإعلام التليفزيوني تحديدًا تم اختصاره في قطاع أخبار تليفزيون مصر.. وهو القطاع الذي يتلقي السهام واللوم دائمًا فيما لو كانت هناك مقارنة بين تأثير قناة الجزيرة وغيرها من القنوات.. في كل مرة كان الحكم لصالح الجزيرة وهو أمر طبيعي في ظل عدم وجود الإمكانيات أو حتي الإيمان بضرورة أن يمتد التطوير إلي هذا القطاع، من المهم أن نتفهم سبب انشغال القائمين علي تليفزيون مصر لسنوات طويلة شأنهم كالمستثمرين الجدد بالربح «السهل» و«الأسرع» دون أي اهتمام بواجب تليفزيون الدولة ودوره علي الأقل في نقل الرسالة الإعلامية الصحيحة.

القائمون علي هذا الجهاز الضخم خلال سنوات طويلة ظلوا مختصرين واقعنا الإعلامي ـ التليفزيوني في المسلسلات والأفلام والكرة مع إهمال متعمد للقطاع الصعب.. وهو الأخبار أو «مرآة» الدولة وأعتقد أن أنس الفقي وزير الإعلام بدأ التحرر من هذه الفكرة عندما قرر البدء باقتحام المنطقة المحظورة في تليفزيون مصر أقصد هنا تحديدًا تطوير قطاع الأخبار من حيث الشكل والمضمون.. رغم المشاكل المالية والإيمان بأن التطوير يحتاج للملايين التي لا يمكن استردادها وهو قطاع في مجمله غير مربح وبطيء في نموه ورسالته تحتاج لوقت حتي يقبل عليها المستهدف! قطاع أخبار مصر بالتليفزيون المصري يشهد حاليا حركة وتطورًا قد لا يتم ملاحظته لأن المسئول عنه عبداللطيف المناوي شخص لا يجيد عملية تسويق أعماله ولا يملك أموالاً للإعلان عما يفعله.. وهو أمر أراه يصب في صالح قطاع الأخبار في ظل الحذر تجاه ما ينشر بشأن التطوير.. عدت بالذاكرة عندما كان قطاع الأخبار يلجأ للوسطاء والسماسرة «لتأجير» و«نقل الأحداث» السياسية المهمة وعندما كان يفقد بجانب الأموال «الهيبة» و«المكانة» لكن في قمة أفريقيا الأخيرة لاحظ أن تليفزيون مصر كان هناك في أوغندا بـ«الأجهزة»، و«وحدات البث»، و«المذيعين»، وطاقم الإعداد.. وهو في حد ذاته حدث.. في الحياة مقولة.. من لا يملك قوته لا يستحق العيش.. أيضًا في الإعلام التليفزيوني.. من لم يملك مقومات البث هو لا يملك كل شيء.. سبق أن شاهدت هذا المشهد في أثيوبيا وليبيا في المؤتمرات المحورية. هذا تقدم مذهل جاء متأخرًا جدًا. ولا داعي لأكشف عن إجابة محددة: حول: لماذا لم يقم تليفزيون مصر بتوفير تلك الأجهزة؟ الإجابة: أسأل عن المستفيد.

من اللافت أن تطوير قطاع أخبار مصر يضرب في الصميم مصالح بعض الدوائر، وهو قد لا يسعد بعض العاملين في داخل التليفزيون وخارجه، لكن في النهاية أراه خطوة مهمة تأخرت سنوات.

نجح عبداللطيف المناوي في وضع حد «للتجمد» بالتغيير الشامل الذي يصر أن يصل إلي كل عناصر منظومة العمل وهو قادر علي أن ينجح ويحقق الرسالة المطلوبة من إعلام الدولة.

وصعوبة تطوير قطاع الأخبار تأتي من كم التنوع والحرفية الزائدة، وسرعة الإيقاع وإدراك ما يحدث.. فالنشرة ليست كرة داخل العارضة، ولا لقطة سينمائية، ولا حوارًا ناعمًا مع ممثل كوميدي، لكنها كلمات وآراء أقل مردود لها هو تصادم دول وصدي مدافع و«الأخبار» تعني الجانب الآخر من الحياة الناعمة.. وأنا أشفق علي أنس الفقي.. وأيضًا عبداللطيف المناوي في تلك الورطة! الخطرة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اترك تعليق هنا