بقلم كمال عامر
اختارت مصر بعد يناير التغيير الهادئ لا التغيير الصادم.. وأعتقد أن النوع الأول هو وراء ما نتعرض له من مضايقات.
ففي ظل التغيير السلمي الهادئ يكون أي تدخل لإحداث التغيير أمرا مربكا للمتلقي وعادة ما يقاوم بطرق متنوعة.
■ ليس في مصر كلها من يجيب إجابة موثوقا فيها عن سؤال: ما هو شكل مصر بعد ساعة!! وليس بعد عام.. لأول مرة يخفق حتي المهتمين بالشأن العام في رسم ملامح شكل الحياة في مصر.. وخلال ساعة هذا يرجع إلي عدم وضوح الرؤية في شتي الموضوعات.
■ برغم أننا لم ندخل أي عنصر جديد علي حال الصحة والتعليم إلا أننا لم نعد نسمع عن سوء مستوي الحالتين؟ السبب جزء منه يرجع إلي أن قيادات الرفض في تلك الجهتين هم من الإسلاميين.. ومن المصلحة العامة لهم الآن خفض الأصوات المطالبة بإصلاح التعليم والصحة؟
■ أليس هناك حكماء بين جماعة الإخوان المسلمين ليختاروا لنا قيادات متسامحة تحمل لنا رسالة تكشف عن الإخوان كجماعة لديها رغبة في خدمة المجتمع لا حرقه أو حرثه.. لماذا الإصرار علي اختيار شخصيات تدعو لهم وهم أشبه بالفزاعات.. غابت عنهم الابتسامة والتسامح، وأصبحت وجوههم انعكاساً لما بداخلهم.. ألم يوجد في الـ500 ألف إخواني عشرة شخصيات أو كوادر مؤمنة بعملها في نفس الوقت يمكنها جذب الناس لا تنفيرهم.
■ قلت وقلبي اتقطع وقلمي وقلبي تعب.. إن تدخل القضاء الإداري في العقود الاقتصادية «خراب بيوت» وهو غير المختص.. قلت أيضا ومازلت.. إن مجرد أخذ الموضوعات الاقتصادية الي الصحافة والإعلام والقضاء الإداري هو رغبة حكومية في خراب البلد.. قلت أيضا إن المستثمر العربي وهو الذي تحاربه حكومة مصر وتصر علي «تركيعه» أو «ابتزازه» دون غيره من المستثمرين الأجانب حاملي جنسية أوروبية أو حتي إسرائيلية من نوعية الكويز وغيرها، وإن حكومة مصر تتعامل بسذاجة مع المستثمرين العرب خوفا من الشارع ورضوخا لأهواء أشخاص هم أبعد عن المهتمين بمصلحة مصر.
المؤكد أن حكومة د.هشام قنديل يجب أن تأخذ القضايا الاقتصادية أو الخلافات مع رجال الأعمال والمستثمرين إلي الحجرات المغلقة للتفاوض بعيداً عن الشو الإعلامي غير المفيد.. لأن أي تصرف حكومي تجاه الاقتصاد تحديدا مرصود وله انعكاس في الداخل والخارج.. وهو ما نعاني منه الآن.
بطء جذب الاستثمارات العالمية والعربية راجع إلي تصرفاتنا الصبيانية مع رجال الأعمال، قد يكون هناك مخالفات أو سرقات أو حالات فساد أو إجحاف في العقود وغيرها وهي أمور عادية في ظل صناعة البيزنس لكن العلاج يجب أن يكون هادئا للتوصل لحلول.. أما عملية تصدي القضاء الاداري لتأميم مشروعات رجال الأعمال من المصريين أو العرب.. الأمر هنا إفلاس أو عدم خبرة أو قرصنة وهي أمور مزعجة جداً لرجال الأعمال.
علي حكومة د.هشام قنديل البدء في حل جميع الخلافات الاقتصادية مع المستثمرين العرب بعيدا عن عدسات الكاميرات وأقلام الصحف.
■ الأموال المهربة.. في البداية قالوا مبارك يملك 75 مليار دولار كما نشرت الجارديان الإنجليزية وأكثر من 200 مليار دولار كما قال صحفي كبير كأنه مطلع علي الأمور، ثم قالوا حصل علي أموال مكتبة الإسكندرية.. ووديعة حرب الخليج.. المهم أن نشر تلك العناوين أدي الغرض تماما وزاد من غضب الشارع وسخطه.. والأخطر أن البسطاء في الشارع أصبح لديهم حلم في حصة من أموال مبارك المهربة وبمرور الأيام تبخرت الأوهام.. مدير تحرير الجارديان البريطانية قال «آسف الخبر المنشور في صحيفتي عن 75 مليار دولار ثروة لمبارك غير صحيح، وتم نشر التكذيب في الصحف والتحقيقات أثبتت أن البلاغات بشأن فلوس مكتبة الاسكندرية غير صحيحة.. وأن الفلوس موجودة دون أن يسحب لا مبارك ولا سوزان أي جنيه.. وأيضا اتضح أن وديعة عرب الخليج موجودة.. وكلام الصحفي غير دقيق أنا أوضح ذلك ليس دفاعا عن مبارك ولكن لوضع قاعدة أخلاقية بضرورة نفكر قبل أن نتكلم.. وندقق قبل أن يتفاقم غضبنا.. كفاية أن نلعب أدوارا لصالح آخرين، وكفاية أن نشوه أشخاصا لصالح فئة معينة بهدف الاغتيال المعنوي.. عندما أوضحت أن أنس الفقي وزير الإعلام الأسبق لم يكن سارقا ولا مرتشيا ولا سمساراً ولا داعيا لقتل المصريين.. بل كل ذنبه وجريمته أنه رجل لديه ما احتاج إليه النظام السابق من أفكار ورؤي وأن كل جريمته أنه كان وزيرا للإعلام لنظام أراد النظام الحالي حرقه ودفن جثته.. وأن أنس الفقي وزير الإعلام الاسبق مواطن اجتهد لصالح وطنه نجح في الكثير من الأعمال التي تولي مسئوليتها والتاريخ وحده سوف ينصفه أو ربما رئيس بعد عشر سنوات.. أتمني أن يكون أنس الفقي أو غيره موجودين وقتها ليتسلموا وسام إعادة الاعتبار أليس من العدل أن تلغي هذه الآفة القاتلة علي الأقل بعد يناير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اترك تعليق هنا