بقلم كمال عامر
ألف باء أخلاق أن تناصر المظلوم لأن الظالم سيجد الألوف المناصرين له.. فى شأن محاكمات المسئولين بالنظام ما قبل يناير.. أمر طبيعى أن تتسابق الأقلام والإعلام بكل صورة إلى النيل من هؤلاء.. إما عن طيب خاطر أو بحسن نية أو لصالح تمرير رسالة فى اتجاه زيادة الاحتقان ومنع العودة للخلف.
هى أمور طبيعية ونحن فى مصر أصبحنا أساتذة فى تطبيق قواعد اللعبة.. ولم نتخلص من أثارها بعد.. والجديد أن الثورة لم تنجح فى تغيير قواعد الاغتيال المعنوى المطبقة زمان والآن!!
المسئولون قبل الثورة ليس كلهم حرامية أو فاسدين بينهم بالتأكيد شرفاء ومظلومين. لكن ما هو معلوم أن ظروف أحداث يناير مقامة على فساد هؤلاء وسوء تصرفهم وهو ما حاولت الآلة الإعلامية الجديدة تمريره لصالح الحدث.
أنا شخصيًا أراقب بهدوء.. وأرى أن المسئول السابق بعد أن أنفض عنه الأصدقاء إعلاميون وغيرهم يعانى معاناة مضاعفة.. ولا يجد حتى كلمة طيبة من ألوف الأقلام التى كانت تسبح بأعماله وتشيد بإنجازاته.. وفى يوم وليلة أصبحت هى نفسها تقود عملية اغتياله معنويًا وتشويه صورته وصورة أسرته وتصفية الحسابات معه!
هؤلاء المسئولون مثل أحمد عز والعادلى وأحمد المغربى وجرانة والفقى وسامح فهمى وصفوت الشريف وفتحى سرور وغيرهم قد يكونون ارتكبوا أخطاء أو حتى جرائم.. والقانون يتعامل معهم ومازالت قضاياهم منظورة ولكن الأهم أن الإعلام فى بلدنا حاول أن يكون هو الجلاد.. حكم عليهم قبل أن يقول القضاء كلمته.. حتى الرئيس السابق حسنى مبارك وجمال مبارك وعلاء مبارك ورجال الأعمال.. الإعلام فى حكمه عليهم سبق حكم المحكمة، لقد نجح الإعلام فى تجييش الشارع ضدهم وتشويه صورتهم بكل الطرق لدرجة أن الشارع لم يعد يتقبل مجرد حصول أى منهم على براءة أو حكم مخفف وهو ما حدث مع الرئيس السابق مبارك ووزير الداخلية العادلى.. الإعلام نجح فى زيادة غضب واحتقان الشارع ضد كل المسئولين قبل الثورة لقد صور كل مسئول شارك العمل فى النظام السابق وكأنه حرامى أو لص أو فاسد!! حتى الذين حاولوا التعمق فى المشكلة بحيادية لم يجدوا ما يقرأ لهم إلا أسر هؤلاء المسئولين!! لقد حكم الشارع على هؤلاء المسئولين قبل القاضى.. ولعب الإعلام الدور المهم فى ذلك ومعه البارونات الجدد نجوم الحدث والمشهد!! وبعض الإعلاميين ممن أرادوا البحث لهم عن موقع فى ظل نظام حكم جديد.
> لا شىء فى الحياة مطلق.. والحكم أو التقييم لعمل المسئول فى بلدى عادة ما يعتمد على الحالة المزاجية للشخص وبعيدًا عن المعايير العلمية والتقييم مرتبط بالظروف السياسية والمصالح لمن يقوم به. وهو ما أدى إلى تشويه كل ما فى مصر قبل يناير.. انجاز أو أشخاص. وهو أمر طبيعى لأن المفروض أن الثورة قامت ضد ممارسات النظام السابق والفساد وغياب العدل وغيرها من الشعارات التى تدغدغ مشاعر الناس. وعملية الانتظار حتى يقول القضاء كلمته فى أى اتهام لرموز النظام السابق دون تدخل تعنى تقويض الغليان ومنح العقل مساحة للتفكير فيما حدث ويحدث وهو ما ترفضه الحالة الثورية ونجوم المشهد الحالى.
من خلال الواقع قد تفلت كلمة من مسئول حالى كإشادة فى عمل وزير سابق أو فى خطة عمله، لكنها كلمة تختفى بعد دقائق إما لأنه تلقى لومًا أو أن ضميره الثورى استيقظ كنت أتمنى -و مازلت- أن تغلق صفحة الماضى أن يلتفت إعلام بلدى إلى مصر الثورة.. مصر الجديدة مع غلق ملف الانتقام تمامًا وقطع فترة التشفى فى خلق الله.. الذين يحاكمون من النظام السابق دفعوا الثمن مرتين أمام القضاء وأمام الناس.
> ليس كل ما كان موجودًا قبل الثورة سيئًا.. وليس كل مسئول شارك بالعمل فى حكومات ما قبل يناير حرامى أو فاسد وليس كل الأعمال والجهود التى بذلها الوزراء السابقون مجردة من الوطنية.. وإذا كان من لزوم الإبقاء على وزير حالى هو نجاحه فى تشويه جهود من سبقه فالعدل الذى نطالب بنشره بيننا يدفعنا إلى التقييم العادل للموقف والعمل والمسئول أيضًا لا داعى للسب والبحث فى الدفاتر القديمة لأن الناس مهتمون بالبلاغات وما فيها ولا يعلمون أى شىء عن البراءة!! ولا يسعون لمعرفة أسبابها أو بذل الجهد لمعرفة الحقائق.
> أوقفوا الهجوم على المسئولين السابقين كفاية.. حرام هم فى السجون. وأسرهم مشتتة ويعانون الأمراض.. هم بقايا جسد وروح لا أحد فيهم ينظر إلى الغد. بل أمل كل منهم أن يقضى بقية عمره يتقرب إلى الله وبجانب أسرته للعلاج.. غلق صفحة الماضى أمر مهم فيما لو أردنا بناء مصر الجديدة فهل ننتبه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اترك تعليق هنا