الاثنين، 30 أغسطس 2010

العيش علي حافة الخطر

بقلم كمال عامر
إلي الساحل الشمالي ومع أسرتي قطعت الصحراوي.. عن طريق وادي النطرون وصلت إلي مارينا.

قائد السيارة قد لا تتيح له فرصة التدقيق في الطرق. ولا يشعر بالإصلاح إلا إذا أراد.

أنا شخصياً حكيت لأسرتي كيف كان حال الطريق الصحراوي منذ عشرين أو ثلاثين عاماً، وكيف كان حارة فقيرة، طريق بلا خدمات، الصحراء علي اليمين واليسار.. الاستراحات فقيرة.. والويل لمن تتعطل سيارته.. حكيت لأسرتي وقارنت لهم من واقع الرؤية كيف أصبحت مصر تملك شبكة طرق وكباري جيدة.. أتاحت لنا جميعاً التغلب علي مشاكل المرور كنت أشير لأسرتي علي الزراعات والقصور والمساكن والمصانع، وكلها حركة «عمران» و«تنمية» واضحة للعين المجردة، مع أسرتي وخلال رحلة السفر كنت أشرح كيف كنا؟ وماذا أصبحنا؟ ولماذا لم نشعر بما نحن فيه من تنمية رغم أن العين لا تخطئها!! شبكة من الطرق تبذل الحكومة والوزارات المعنية كل الجهد لتطويرها وصيانتها.. أسرتي أرادت أن تذهب إلي كارفور الإسكندرية من خلال محور التعمير وصلنا.. لاحظ أماكن الترفية وحجم السيارات، والحركة الموجودة، مشهد لا يمكن أن تختزله في كلمة أو حتي حكاية، لكن من المؤكد أن قطاعاً كبيراً من المصريين لديهم قناعة تامة بأن مصر بالفعل اتغيرت وتشهد حركة اقتصادية وتنمية رغم أن هناك فئة قد لا ترصد هذا الانجاز أو غيره.. وهي مصممة علي أن لا انجاز هنا أو هناك ولو أن أياً من تلك الشريحة ذهب إلي الساحل الشمالي أو إلي الإسكندرية أو شاهد الطريق الصحراوي أو زراعات وادي النطرون والحركة العمرانية شرق وغرب الصحراوي لربما أدرك أن هناك تطوراً في البنية الأساسية وغيرها.. حركة عمران واضحة قد تكون للأغنياء وأيضاً للطبقة الوسطي.. وهي مؤشر واضح للتنمية ولتغيير واقع الحياة للأفضل.

الواقع أن هناك مشاكل متنوعة تواجه الناس.. من ارتفاع الأسعار مروراً بعدم القدرة علي شراء مسكن لائق وتدني الأجور لطبقات متنوعة لكن في نفس الوقت هناك انجاز وعمل دائم للإصلاح وجهود مبذولة في هذا الشأن.

وجود شبكة طرق جيدة تدل علي أن هناك سهولة حركة وانتقالاً وعملاً.. وجود المشروعات الزراعية والمجتمعات العمرانية أمر مهم في حياتنا الاقتصادية والمعيشية وهو دليل علي تطور المجتمع بشكل عام. المواطن البسيط يشعر بالحركة والانجاز لأنه يفكر بهدوء ويقارن بين ما كنا فيه وما أصبحنا عليه..

في مارينا وقري الساحل الشمالي شباب ليسوا جميعاً من طبقة الأغنياء بل معظم المترددين عليها من أبناء الطبقة الوسطي.. وهناك ألف طريقة للدخول والتنقل بين محلاتها والمطاعم والكافتيريات.. في خمس قري أخري تنقلت بينها كنت ألاحظ أن الفروق لم تعد واضحة طبقة الأغنياء لديها مشاكلها وخسائرها.. والطبقة الوسطي هي الأكثر صلابة ومتانة ضد التقلبات الاقتصادية.

الحكومة مهتمة بالطبقات الأكثر احتياجاً والقري الأكثر فقراً، وهناك اعتراف حكومي واضح بضرورة إصلاح حال الطبقة الفقيرة عن طريق المساعدات المباشرة في ظل حزمة من التعديلات علي الأجور والتأمينات وغيرها قد تساعد في تقوية الطبقة الوسطي وصيانتها..

في مصر حركة، وتنمية، وعمل ونجاحات وأيضاً هناك مناطق تحتاج إلي الكثير من العمل المتواصل.. الحكومة وحدها لا يمكن أن تصنع المعجزات وتبدل حال المجتمع.. هناك شرائح مهمة في حركة التنمية والبناء مثل القطاع الخاص وهو ما يتحمل توفير 90% من الوظائف المطلوبة وهو قطاع يواجه التحديات وحده دون أدني حماية من الحكومة ولا المستفيد منه الأمر الذي وضعه في موقف محرج جداً أمام الناس.. والحكومة بحرفية شديدة قد تقدم النار في بعضهم تقربا من الغاضبين، وهي في كل مرحلة تقدم رجل أعمال هدية للجماهير الغاضبة وهو ما تؤكده الحوادث والقضايا.

الصحافة في مصر أصبحت لها قوة مؤثرة في الحياة الاقتصادية أكثر من غيرها.. فهي تستطيع أن تدفع بأسهم شركة خاسرة إلي السماء.. وأن تلطخ سمعة أي مصنع أو شركة مهما كانت ناجحة بل أزعم إنها قد تدفع الناس أو البنوك إلي محاصرة أي مشروع مهما كانت درجة نجاحه والحكومة تعلم جيداً أن «حرق» رجال الأعمال وتقديمهم قرباناً للغاضبين أمر قد يرتد عليها.. وقد بدأ هذا بالفعل.

علي العموم إذا كانت الحكومة غاضبة لأن قطاعاً لا يري انجازاتها ولا يعترف بما تقدمه وتحققه وهذا ظلم والحقيقة أن عدداً من رجال الأعمال أيضا أعلنوا غضبهم من الحكومة لأنها لا تقف مساندة إلا لعدد محدد ولا تمتد مظلة حمايتها إلا للمحظوظين.

الحكومة تشرب من نفس الكأس لابد أن هناك شريحة ما تحاول أن تثير المجتمع وتعبث باستقراره هذه الشريحة هي التي تدعو الناس بألا يروا الانجازات.. ويدعوا الناس للثورة والغضب بالرغم من أن التنمية واضحة وملموسة.. في نفس الوقت أجد الحكومة في بعض الأوقات تعمل علي تأجيج الغضب تجاه بعض رجال الأعمال والمستثمرين.. أنا هنا لا أدافع عن رجال الأعمال. لأن الحكومة أوصلتنا إلي أن الدفاع عنهم يعتبر رشوة وعيباً وقلة أدب في الوقت الذي تعترف الحكومة بنفسها بأن 90% من الوظائف المطلوبة هي من صنع وانتاج القطاع الخاص.. معايير مزدوجة.. ومفاهيم متقلبة وغياب عدالة مؤكد وواضح أنها لعبة لامتصاص غضب الشريحة الرافضة أو علي الأقل لتخفيف لهجة الهجوم علي الحكومة لبعض الوقت..

أنا شخصياً لدي قناعة بقوة مصر، وقدرتها علي تخطي الأزمات، وبإخلاص الحكومة، وانجازاتها المتنوعة.. في نفس الوقت أرفض العيش علي حافة الخطر مع عدم مساندة الحكومة لرجال الأعمال والمستثمرين.. وأيضا الاعتراف بالنجاحات التي تحققها حكومة الوطني الحالية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اترك تعليق هنا