الاثنين، 30 أغسطس 2010

الكهرباء.. والأمن القومي المصري

بقلم كمال عامر
الكهرباء والمياه عناصر مهمة في حياة المواطن المصري مهما كانت مكانته الاجتماعية. هذا الأسبوع تذوق سكان التجمع الخامس أصحاب الفيللات والإسكان الفاخر. نفس مشاكل الأماكن الشعبية وعاشوا المعاناة. لدرجة أن بعضهم هاجر إلي مناطق أخري يعيش فيها الأبناء من أجل شوية ماء لزوم التخلص من الأتربة!

في حكاية الكهرباء عاش الشعب المصري أزمة حقيقية، فالكهرباء هو عنصر مهم في حياة المواطن، إضاءة وتبريد وماكينات لرفع المياه، ومصانع ومستشفيات وأسانسيرات وغيرها. في حكاية المياه اعترف القائمون علي المشكلة والمسئولون عنها أن ظروفًا غير عادية أدت لتحطيم خطوط رئيسية، لم يكابروا أو يصدرون المشكلة إلي مكان آخر.. والأهم أنهم حددوا موعدًا لعودتها وطالبونا بالصبر.. في قضية الكهرباء الأمر مختلف.. القرارات المبررة لانقطاع التيار متضاربة وساذجة.. وزير الكهرباء د.حسن يونس لم ينجح في إدارة الأزمة.

وأعتقد أنه خسر أمام الرأي العام عندما ردد مبررات غير مقنعة، وقد كشفت الأزمة عن قصور شديد داخل وزارة الكهرباء، تحديدًا بدءًا من غياب بيانات حقيقية عما يحدث في هذا القطاع ومشاكله، وهو ما يجعلنا نأخذ بالريبة من التصريحات اتجاه حماية مصر بتوفير احتياجاتها من الكهرباء خلال الفترة المقبلة، واتضح أيضًا أن التصريحات الصحفية تحديدًا بما فيها من طموح غير حقيقية وأن «شوية» «حر» كشفت عيوب الشبكة، وأوضحت لنا تهالكها وعدم قيامها بالدور المطلوب، وأن هناك استثمارات معطلة، وغياب التخطيط عن قطاع الكهرباء كان ملحوظًا.

«شوية» «حر» كشفت لنا عن توجه وزارة الكهرباء ود.حسن يونس شخصيًا في محاربته لحصول الأشخاص والبسطاء علي أجهزة تكييف يحمون بها أولادهم، وأدمغتهم! والأخطر من خلال المتابعة الدقيقة للأزمة والتحقيق من أسبابها لاحظت أن هناك تفاوتًا واضحًا ما بين ما يصلنا من تصريحات علي لسان وزير الكهرباء أو رئيس القابضة للكهرباء وما يحدث في هذا القطاع. كنت قد كشفت في مقال سابق أن وجود أزمة في قطاع الكهرباء أو غيره أمر يمكن تفهمه، وأمر وارد في ظل متغيرات متنوعة عالمية ومحلية، ومن الممكن أن نتفهم كل الظروف، نحن لسنا دولة غنية يمكنها ترجمة احتياجاتها ماليًا وتحقيقها فورًا، ولكن كما هو معروف. لدينا. خطط وتنمية وأيضًا طوارئ.

في أزمة الكهرباء تحديدًا، شعرنا بالغضب لأن الخطاب الواصل إلينا من الوزارة بشأن تبرير انقطاع التيار الكهربائي عن بعض المناطق في مصر اعتمد علي عدم الإدراك للواقع وابتعد عن الأسباب الحقيقية للأزمة. وقد كشفت تبريرات وزارة الكهرباء للأعطال عن التضارب الواضح.

من الملاحظ أن وزارة الكهرباء تحتاج إلي تجديد دماء بشأن كوادرها البشرية.. وأعتقد أن د.حسن يونس يحتاج إلي مجموعة عمل مؤهلة للتعامل مع المعطيات الجديدة وفي عالم الكهرباء. ولطرح أفكار وعمل حوار ونقاش بين شرائح المجتمع للتواصل وتجهيز البيانات المطلوبة وعمل دراسات فنية حول ما لدينا وما نسعي لتحقيقه.

أنا أدعو وزير الكهرباء د.حسن يونس لقراءة تصريحات وزارته خلال العام ليقف بنفسه علي البلبلة التي أصابتنا والفزع الذي لحق بنا عندما انقطع «النور» عن منازلنا.

التصريحات المتضاربة من المسئولين بوزارة الكهرباء عن أسباب انقطاع التيار الكهربائي عن بعض المناطق أوضح لي أن هناك شيئًا ما خطأ بشأن استيراد محطات الكهرباء.

ولا أظن في ظل الثوابت الموجودة لمعادلة واضحة وثابتة من ظروف مناخية وأنواع الوقود وهو ما يتطلب التعاقد مع معدات أو محطات تعمل وفقًا لتلك الظروف.. ولو أن هذا حصل لما كنا تعرضنا لأعطال وانقطاع التيار وقد يكون هذا الوضع ناتجًا من عدم تجديد الخبرات بالقطاع أو لظروف أخري.

ومن المهم أيضًا أنني رصدت من خلال تصريحات قطاع الكهرباء نوعًا من أنواع الكوميديا، في اليوم الذي طلع علينا د.محمد عوض بأن الغاز المتفق عليه مع وزارة البترول لم يصل، تأكدت أن قطاع الكهرباء حصل تحديدًا علي كل احتياجاته من الغاز، هذا معناه أن د.عوض مازال مصممًا علي التعامل مع أزمة انقطاع التيار الكهربائي بسطحية وعدم شفافية، وإلا كيف تفسر التضارب في تصريحاته بعدم وصول الغاز في الوقت الذي كان الغاز بالفعل وصل قبل تصريحات الرجل بـ24 ساعة، هذا يجذبني للمشهد المؤلم عندما أعلن وزير الكهرباء أن المازوت فيه شوائب، واتضح أن هناك إضافات تم تجربتها ونجحت قبل تصريح الوزير بأربعة شهور هذا معناه إما أن وزير الكهرباء لم يطلع علي المستجدات في هذا الشأن وهو الأمر الذي يصب ضد معاونيه تحديدًا أو أن الرجل أراد جذب نظرنا إلي منطقة ووزارة أخري، لتخفيف الهجوم الشعبي والرسمي عن وزارته.. الأزمة كشفت لنا أيضًا عن أن ملف الطاقة تحديدًا هناك من حاول استخدامه لصالح نفسه بعيدًا عن المصلحة العامة.. ولعب بتلك الورقة أمام الشعب والمسئولين.

وكشفت الأزمة تحديدًا عن الواقع المؤلم لحالنا في قطاع الكهرباء وأن كل الاحتمالات مازالت موجودة، والأضرار قد تزداد وتتوسع.. وقطاع الكهرباء بدلاً من تسديد اللكمات ضد وزارات أو جهات أخري بدءًا من مستخدمي التكييف أو مالك الغسالة والثلاجة، ومرورًا بالطقس ونهاية بوزارة البترول عليها أن تدعو د.عوض إلي الصلاة في مسجد السيدة زينب صلاة «الإنارة» وهي مثل وزارة الري في صلاة «الاستسقاء» ربما يستجيب الله لدعوة د.عوض وتنخفض درجات الحرارة وتقل الأحمال، وبالتالي تتاح فرصة للاحلال والتجديد للقيادات بالوزارة قبل المعدات وعمل صيانة في المعلومات للقيادات وأيضًا للآلات. والمحطات.

تصوروا الفزع من انقطاع الكهرباء وصل إلي السعودية التي اعتمدت الشركة السعودية للكهرباء ترسية 7 مشاريع في مجالات التوليد والنقل ومحطات التحويل بتكلفة 3.9 مليار دولار، القرار تم اتخاذه مساء الأحد الماضي أي بعد أن وصلت إلي مسامعهم ما حدث في مصر! في اليمن الحكومة هناك طلبت 5 بلايين دولار لتطوير قطاع الكهرباء حتي 2017 علي أن تحدد نسبة الوقود المستخدم بـ45% غاز و40% فحم و4% طاقة رياح.

من خلال الدراسات الموجودة والمقارنة بين دول العالم في استخدام وقود المحطات لاحظت أن هناك مواءمة بين استخدام الغاز والمازوت وغيرهما.. هذا الأمر موجود في كل الدول الغنية بالغاز مثل إيران وروسيا وأمريكا والمستوردة له مثل فرنسا وإيطاليا والنرويج. نسبة استخدام الغاز لا تتعدي 50% والنسبة الباقية مصادر متنوعة، وهو أمر له أبعاد استراتيجية قبل أن تكون اقتصادية، في مصر الاعتماد علي الغاز أكثر من النسبة الموجودة ـ متوسط 82% ـ أراه أمرًا مربكًا.

من ناحية الأمن القومي هناك ضرورة علي تنويع مصادر الطاقة المطلوبة لقطاع الكهرباء.. فالاعتماد علي الغاز بنسبة كبيرة كما يحدث الآن أمراً خطيراً.. وماذا لو حدثت ظروف قد تلحق ضرراً بعملية ضخ الغاز والمشكلة أن إصلاح الأعطال في هذا الشأن قد تستمر شهورًا الأمر الذي ينذر بكارثة. وهنا أري ضرورة اعتماد وزارة الكهرباء علي مصادر طاقة متنوعة مثل الفحم وغيره في عملية تشغيل المحطات الكهربائية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اترك تعليق هنا