الأربعاء، 1 ديسمبر 2010

في انتخابات مجلس الشعب: الشارع هزم المعارضة

بقلم كمال عامر
الانتخابات التشريعية التي تشهدها مصر لمجلس الشعب القادم، أراها مختلفة وعلي غير المتوقع فقد حاولت قوي المعارضة أو بعضها أن تصور لنا ـ قبل الانتخابات ـ علي أن العنف بأنواعه سيكون عنوانا لها.. بل أن هناك «مرادفات» تم استخدامها خلال تلك الحملة مثل «البلطجة.. الرصاص.. الأسلحة البيضاء.. الرشوة.. الضغوط.. لدرجة أنني شخصيا.. كنت أردد في اجابتي عن أسئلة من نوع: ممكن تتوقع شكل الانتخابات وكم قتيلاً سوف يسقط؟ وكم صندوقاً سيتم حرقه؟ اجابتي كانت تنحصر في «ربنا يستر..» لم أكن متحمسا لخطة لقوي المعارضة التي حاولت من خلالها تبرير لأي اخفاق لها في تلك الانتخابات ـ وهو ما حدث بالفعل ـ وكأنها تقول لنا بعد ظهور نتائج المرحلة الأولي من انتخابات مجلس الشعب تبريرا علي السقوط الكبير الذي أصابها.. «مش قلت لكم».. بعض قوي المعارضة حاولت قبل الانتخابات احتلال أكبر مساحة إعلامية ـ بكل الطرق وهي علي يقين بأن السيطرة علي الفضائيات ووكالات الأنباء العالمية جزء مهم جداً من أوراق الضغط علي النظام المصري كله.

الأمر الذي قد يصب في النهاية لصالح قوي المعارضة وهذا ما طبقوه في الانتخابات 2005 لمجلس الشعب لكن في انتخابات 2010 كان الحزب الوطني أكثر خبرة ودراية ونجح في فضح أساليب المعارضة مبكراً بل وشرح ـ قبل الانتخابات ـ سيناريوهات المعارضة للحصول علي أكبر مكاسب ممكنة حتي لو كانت غير مستحقة وهذه المرة فشلت المعارضة في احتلال الإعلام والسيطرة عليه لذا أراه وقد امتنع عن عمل سيناريوهات الحرق والاثارة.. التزمت الأكثرية منه بضبط النفس.. في نفس الوقت نجح أنس الفقي وزير الإعلام في فرض القانون علي الساحات الإعلامية.. كان لتحذيراته المتكررة رد فعل إيجابي علي الساحة الإعلامية المختلفة سواء كان خوفاً أو التزاماً.. وصنف إلي ذلك قيام تليفزيون مصر تحديداً بتأدية دوره باحترافية وحيادية في ملف الانتخابات.. سواء في اختياره للضيوف.. أو نوعية البرامج المقدمة والمعالجة وطريقة منح الجميع فرصة متساوية لعرض ما لديه.. الإعلام نجح في كشف عورات المعارضة.. وضجيجها المفتعل.. وكشف لي ولغيري حجم وقوة الأحزاب السياسية الحقيقية في الشارع المصري.. ومن هي القوي صاحبة الضجيج علي غير الحقيقة والتي حصلت علي مساحة أكبر من حجمها الحقيقي في الحياة السياسية المصرية نتيجة لسيطرتها علي مساحة كبيرة من الإعلام.. الحقائق التي اعتمد عليها الإعلام المصري في تأدية رسالته بشأن انتخابات مجلس الشعب 2010 كان لها أثر كبير في كشف حجم كل القوي السياسية في الشارع.. وأجاب لنا صراحة عن كيفية حصول تلك القوي الضعيفة علي مساحات إعلامية أكبر من حجمها.

من الملفت أن الإعلام المصري نجح في تعرية الجميع.. وأصبحت الأحزاب أو المرشحون لتلك الانتخابات وجها لوجه مع الناس، كان من الطبيعي أن يخسر الإخوان المسلمون التعاطف الشعبي حتي لو كانت هناك بعض التجاوزات إلا أن الحقيقة المؤكدة أن المتعاطفين مع الإخوان لم يمنحوا مرشحي الجماعة تأييدهم.. أمام اللجنة الانتخابية بإحدي مدارس الحي العاشر وقفت متابعا المشهد الانتخابي.. وجدت مجموعة صغيرة تدعو لمرشحة الفئات علي قائمة الجماعة الإسلامية وقد غابت التجمعات التصويتية المؤيدة وقد قارنت هذا المشهد بأخر انتخابات لمجلس الشعب 2005 وجدت الحالة مختلفة تماما.. انفض الناس من حول الإخوان المسلمين ووجدت قوي المعارضة الأخري صعوبة في حشد أنصارها أو جذب نسبة من الأغلبية الصامتة.. بينما كان الحزب الوطني أكثر نشاطا في هذا الأمر.. مشهد السقوط لقوي الغوغائية الإعلامية أوضح أيضا الوعي لدي الناخب.. وأعتقد أن التغيير في مزاج الناخب المصري تجاه المعارضة يرجع أيضا بجانب نجاح إعلام أنس الفقي في تأدية دوره والذي كشف ازدواجية المعايير والتناقض الواضح ما بين ما تدعيه وما تطبقه وكمثال صارخ هو مناشدة المعارضة لأمريكا لحمايتها في العملية الانتخابية في نفس الوقت ترفع شعار تعاون مصري لرفض أي أمريكي وبأي شكل من الأشكال.

الإعلام المصري أيضا ساعد الناخب المصري في اختيار مرشحيه بعد أن وضع كل الحقائق أمامه.. لقد تابعت قطاع أخبار مصر بتليفزيون الدولة وخطة عبداللطيف المناوي رئيس القطاع بشأن العملية الانتخابية.. حيث نجح المناوي في تقديم الحقائق المجردة للناخب عن طريق تطبيق نظرية الكشف عن الأسرار بعملية اختراق لعقل وقلب المرشحين وأحزابهم وبرامجهم.. وكان من الملفت أن لا أحد اشتكي من حيادية قطاع أخبار مصر.. لم تتقدم الأحزاب بشكوي تجاه المعالجة الإعلامية.. وقد تابعت المساحات الاخبارية بتليفزيون مصر في التعاطي مع ملف الانتخابات والحقيقة أن قطاع الأخبار نجح في تأدية رسالته بدرجة واضحة.. هذه النجاحات ترجع إلي اليقظة المبكرة والخبرات التي اكتسبها وتصميم قيادات القطاع وعلي رأسه المناوي علي أن تكون الانتخابات تجربة حقيقية للتطبيق الفعلي لمراحل التطوير الذي بدأ ومازال مستمرا ويشمل كل أركان قطاع الأخبار بالتليفزيون.

كانت استجابة الفضائيات ووكالات الأنباء وغيرها للقوانين المنظمة للتغطية الإعلامية أمراً ملفتا فلم نر خروجا عن النص إلا في حدود ضيقة انحصرت في حالة الغضب علي وجه عدد من المذيعين أنفسهم.

وعلي العموم من حق المعارضة أن تصرخ وأن تستنجد بأمريكا وروسيا والأمم المتحدة لأنها بالفعل أصيبت بصدمة نفسية بعد الهزيمة المدوية لها في الشارع المصري في المرحلة الأولي لانتخابات 2010 لمجلس الشعب القادم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اترك تعليق هنا